مقالات صحفية


توأمة مع البودي !

الإثنين - 04 سبتمبر 2023 - الساعة 11:13 م

فكري القاسم
الكاتب: فكري القاسم - ارشيف الكاتب


وأنت شاب رايح لدراسة الجامعة لأول مرة في حياتك بأيش باتفكر؟
بالنسبة لي فكرت بمظهري الخارجي وقلت لازم يكون شكل البودي حقي مليح ومميز بين زملائي الطلبة . وسافرت من تعز لدراسة الجامعة بالعاصمة صنعاء سنة 1995 ومعي شنطة ملابس صغيرة، في داخلها عدد قليل من الثياب المتواضعة.

شحنتها في خانة العَفْش داخل باص النقل البري، وأنا أفكر بأناقة البودي وبثياب الموضة التي تعجب البنات في الكلية .
وبمجرد ما أن توقف الباص في فرزة باب اليمن ؛ نزلت أدوِّر عليها بين حقائب المسافرين، ولم أجدها وسودت الدنيا في عيوني لحظتها وشعرت بأنها بداية سيئة جدا بأول خطوة أمشيها في الطريق إلى المستقبل.

ركبت دباب من باب اليمن إلى حي الرقاص متجها في طريقي الى عزبة شبان من عيال الحارة وانا مهموم افكر ايش شاكون البس كل يوم لما اسير الجامعة ؛ بينما كان المذياع فوق الدباب مفتوح على برنامج صوت المذيع فيه يتكلم مع عدد من المحاورين عن مشروع توأمة مرتقبة بين جامعة صنعاء وجامعة السربون الفرنسية . كنت استمع إليه بين الركاب وانا والله مالي علم ايش هي هذي التوأمة ولا ايش هي الفائدة منها . وفهمت من حوارات ضيوف الحلقة أنها تعني تبادل الخبرات لتحسين أداء الأكاديمية الضعيفة .و طنت في رأسي ذيك الساع فكرة التوأمة الطارئة بين بدلتي الوحيدة الذي فوقي ؛ والذي ماعد باقي معي غيرها اساسا ؛ وبين ثياب اصحاب حارتنا الذي شسكن معاهم .

وصلت العزبة عطل بلا شنطة ودخلت اتنقل بين الغرف وعيوني تتلفت عرض الجدران مثل الرادار ادور بين ثياب الاصحاب عن ضمار التوأمة الطارئة للمخارجة من حنبة تحسين مظهر البودي الذي سأتحرك به بين الطلبة في الكلية .
لكن للأسف؛ كلهم في العزبة كانوا عسكر وموظفين بسطاء وأطمارهم المعلقة عرض الجدران كلها مجرد زِنين ومَعاوِز، مع تشكيلات متنوعة من بدلات الميري.
وشعرت لحظتها بأن الدبور محلق فوق رأسي، وبأنه مافيش مجال خالص لأي توأمة في عِزْبة ما فيها حتى طالب جامعي واحد يمكن البس معه ؛ أو فيها حتى موظف واحد على الأقل عنده تطلعات لمتابعة الموضة .
ولم يكن أمامي من خيار حينها غير الاعتماد الكلي على بدلتي الوحيدة كضمار وحيد متاح للشَّيْخصة، ولتحسين مظهر البودي امام الزملاء في الكلية.

وسار الشهر الأول كله عموما وأنا مرهق؛ أصَبِّن نفس البدلة بيدّاتي في كل ليل، وأضَحِّيها بسقف العزبة ، وأبكر ألبسها على خَسَعها في الصباح ؛ وأسير أدرس بها في بعض الأحيان، وهي مندية فوقي ؛ وأجلس بين الطلبة داخل قاعة المحاضرات وعطاسي لا يتوقف.
وتعبت من التَّصْبون ومليت من مظهري اليومي الثابت بنفس البدلة كل يوم أمام الزملاء وكأني صنم لابس نفس الثياب؛ أو لكأني سيارة تمشي بنفس البودي الممل والرتيب .
وجالي سأم كبير من الاستمرار في عزبة عسكر وموظفين ما في ملابسهم كلها ولو حتى قطعتين على بعضهم صالحات للتوأمة مع البودي.

في الترم الثاني تعرفت على طلبة من نفس دفعتي يتوزعون السكن داخل غرفتين صغيرتين في عِزْبة متواضعة، وعددهم عشرة طلاب؛ ظروفهم المعيشية مشابهة تماما لظروفي، ومقاسات غالبية ثيابهم المتواضعة، والمدندلة عرض الجدران مناسبة لمقاسي.
انتقلت للسكن رفقتهم
وتوأمت معهم فِيْسَع، وحدث بيننا تجانس سروالي وتلاقح شُمزاني سريع خلصني من هموم التَّصْبون اليومي.
ولكنها كانت توأمة اضطرارية مشتركة مع عشرة طلاب كل واحد معه طقمين سراويل وطقمين شمزان أتناوب انا وهم على لبسهن كل يوم في توأمة مفضوحة لم تفد مظهر البودي على الإطلاق؛ قدر ما سببت لي كثيرًا من الإحراجات أمام زملاء الدفعة من تكرار لبس نفس الثياب المتداولة بيننا بشكل يومي وكأنها جزء أصيل من مواد المنهج المقرر على طلاب المستوى الأول في كلية الإعلام . وضقت بمرور الترم الأول من البقاء في عزبة العشرة المبشرين بنفس الثياب، وقلت لنفسي:‬
- لاااا ما يخارجنيش مواصلة السكن مع طلبة مستجدين، والله ما لأميتاهم علم مو هي التوأمة مع البودي.

تعرفت في الترم الثاني على طلبة آخرين، ميسورين وأنيقين، وكلهم يدرسوا في غير كليتي، ويسكنون في عزبة جميلة مرتبة داخل أربع غرف وسيعات، وثيابهم المعلقة عرض الجدران كلها أنيقة وفاخرة من ماركات عالمية معروفة، ومقاساتها مطابقة تمامًا لمقاسي، يعني زيما تقولوا هكذا رزق تفصول هطل عليَّ من السماء لتحسين المظهر الخارجي للبودي .
انتقلت للسكن معهم وتوأمت مع ثيابهم فيسع
وطوقمت في الملبس؛ كما لم اعرف الطوقمة من قبل.
وخلال ظرف وجيز أصبح بيننا توأمة يومية حسنت مظهري بين الطلبة ، وأغنتني تمامًا عن غياري الوحيد القديم الذي نسيته في المغسلة. وماعد فكرت فيه خالص ولا فكرت أروح أجيبه أو ألبسه مرة ثانية .
وأيش أعمل به أصلًا وقد معي في العزبة الجديدة توأمة مستدامة كست البودي حقي من ساسه إلى رأسه، تمامًا مثلما كسا جدنا الأول «أسعد الكامل» الكعبة المشرفة ذات يوم غابر في الزمن.

وبفضل هاذيك التوأمة المستدامة مع أصحاب عزبة المبسوطين تنقلت في ساحة كلية الآداب بجامعة صنعاء، وأنا لابس أحسن وأرقى ثياب الماركات العالمية.
بس عاد كان في نفسي شيء واحد فقط.
كنت خاوِر أسير الكلية، ولو مرة واحدة فقط، وأنا لابس بدلة رسمية مع كرفتة مدندلة على رقبتي ؛امشي بها بين الطلبة والريح تهفهفها شمال ويمين.
وكنت أشوف الدكاترة في الجامعة كل يوم وهم لابسين البدلات الرسمية مع الكرفتات، وأتمنى من كل قلبي لو استطيع ان اعمل انا وهم توأمة سريعة، أو أن نقع أصحاب نتبادل المعرفة والبدلات وربطات العنق.
وكان في تصوري الخاص أن اللي يلبس بدلات مع الكرفتة، إنسان متحضر، ومستقبله تمام. وأنا خااااور أقع متحضر بين الناس، حتى ولو لمره واحدة في الأسبوع .
وكانت مشكلتي الوحيدة المعيقة لتحقيق طموحي ذاك، أنه مافيش معي بين الأصحاب في عزبة التوأمة المستدامة، ولا حتى صاحب واحد على الأقل يلبس بدلات رسمية، كلهم كانوا حق بنطلونات وشمزان وبس .
قبل أن أحظى بفرصة التعرف على طالب جامعي وسيم أنيق ساكن في العِزْبة المجاورة، يدرس في كلية غير كليتي، يشتغل في عيادة طبيب أسنان، يروح إلى دوامه اليومي فيها لابس أحسن وأرقى البدلات الرسمية، ومعه في غرفته ، جدار وَسيع أشبه بحائط عرض، ملانه بدلات رسمية من أفخر الماركات، عدد كبير من أرقى ربطات العنق الفاخرة ،أول ما شفتهن مدندلات قدام عيوني شهقت وقلت في خلدي:
-‬أيواااه هذا هو منجم الأبهة المنتظرة.

فِيْسَع وقعت أصحاب أنا وهو، وفيسع توأمت معه.
والبدلة الذي كان يخلسها؛ بعد دوامه في العيادة، يشوفها في اليوم الثاني مباشرة وقد هي ملبوسة فوقي تلقائيًا، وقدنا مشَيْخِص بها في الكلية؛ أصافح هذا وأصافح ذاك وامشي في الساحة والكرفتة مدندلة على رقبتي، والريح تهفهفها وتلعب بها شمال ويمين. لكن عد كان في نفسي شيء واحد وبس؟
كنت أشتي أعرف كيف يربطوا الكرفتة، وكيف يَخْرِشوها، تجنبًا لبعض المواقف المحرجة التي أحنب فيها فيما لو كنت لابس كرفتة واخترشت من فوقي، وأنا مش داري كيف أعيد رباطها مرة أخرى.
ولم يستمر جهلي ذاك كثيرًا على أية حال.

تعلمت من صاحبي الوسيم نفسه ، كيف يربطوا الكرفتةويخرشوها، وشعرت حينذاك بأني قطعت شوطًا كبيرًا جدًا في فن التعامل مع أهم متطلبات أناقة الشاب العصري المتحضر.
وتوسعت كثيرًا – من بعد ذلك - في أعمال التوأمة مع أحذية أنيقة وفاخرة لزملاء عربًا يدرسون معي في نفس الدفعة، واكتملت بذلك ملامح أناقتي المستعارة بين الزملاء في كلية الإعلام وعشت الجو كما ينبغي لي أن أعيشه .
وحبيت زميلتي بمشاعري الجياشة وبملابس غيري،
وتنقلت بالبودي في قاعات المحاضرات بكل خفة وأنا لابس بدلات رسمية، معظمها كانت أجمل بكثير من البدلات التي يرتديها دكاترة الجامعة.‬
ومشْوَرت بين أسراب الجميلات في ساحة الكلية بأحذية متعددة الجنسيات، وقطعت كل المسافات في الطريق إلى المستقبل بجسد ناحل انيق يبدو كما لو أنه فاترينة عرض متحركة لملابس شبابية متنوعة وفاخرة،حسنت مظهر البودي وعوضتني تمامًا عن فقدان الشنطة الضائعة.

وفي هاذيك الأيام الجميلة نفسها تحسنت حظوظي أكثر وتلقيت دعوة من جامعة ناصر الأممية مشمولة التذاكر والإقامة والوجبات، للمشاركة في فعاليات شبابية لطلبة الجامعات العربية والإفريقية ستستمر ل 10 أيام في العاصمة الليبية طرابلس .وعرفت أن خط الرحلة المرتقبة سيكون كالتالي :
الانطلاق من مطار صنعاء والهبوط ترانزيت في مطار القاهرة، والانطلاق من بعد ذلك جوًا إلى جزيرة مالطا في جروب واحد مع أعضاء جميع الوفود الطلابية المشاركين في نفس المسابقة، ثم الانطلاق من بعد ذلك بحرًا من مالطا وصولًا إلى العاصمة الليبية طرابلس كآخر محطة للوصول . وقلت لنفسي يومذاك وأنا أتهيأ نفسيًا لأول سفرية لي إلى خارج البلد:‬
- لااا يا فكري أنت رايح في مهمة طلابية مستعجلة لتمثيل بلادك بين الأمم في محفل دولي كبير، والموضوع مش بسيط ويشتي له توأمة عابرة للقارات .

وفيسع توأمت مع الأصحاب في عزبة الماركات العالمية، واستعرت منهم أحسن ما لديهم من بنطلونات وشُمزان.
وتوأمت مع صاحبي الوسيم، واستعرت منه أحسن ثلاث بدلات مع أحسن ثلاثة شُمزان مع أحسن خمس كرفتات.
وتوأمت مع زملائي العرب واستعرت منهم أحسن جزمتين معتبرتين مع كوتش أنيق مع نظارة شمسية من أفخم الموديلات الفاخرة.
وعد كان في نفسي حاجة واحدة وبس .
اشتي شنطة مليحة كبيرة الحجم تستوعب كل الثياب والأغراض التي جمعتها من ضمار التوأمة مع الأصحاب، وما يصلحش أسافر لتمثيل بلادي بين الأمم وما معي شنطة.

وبتسخير من الله، لقيت في عزبة شبان الحارة واحد من الأصحاب كان على وشك الزواج خلال وقت قريب، وقدو مجهز حاله بشنطة كبيرة جديدة ومعتبرة شفتها في الغرفة ودخلت في نفسي ،وقلت في خلدي :‬
- أيواااه هذي هي شنطة الأحلام اللي تبيِّض الوجه.‬

توأمت مع صاحب الشنطة بسرعة فائقة، واستعرتها منه واقنعته تماما بأني سأعيدها إليه، جديدة كما أخذتها منه، بعد أسبوعين فقط.
ويوم السفر دخلت إلى مطار صنعاء أجر الشنطة خلفي وأنا لابس أحسن بدلة رسمية مع أحسن كرفتة مُدندلة على رقبتي،وشحنت الشنطة بين أمتعة المسافرين .
وركبت الطيارة اليمنية وجلست في مقعدي بكل زهو. وما معي من أمتعة السفر الخاصة بي شخصيا ؛ غير البودي والجواز وطقم البدلة الداخلية فقط. واما بقية الأشياء اللي شليتها معي في شنطة الأناقة المستعارة كلها من ضمار التوأمة العابرة للقارات.

هبطت الطيارة في مطار القاهرة
ونزلت من فوقها مقطوب أمشي في الطواريد إلى منطقة استلام العفش، ولم أعثر على شنطتي! ولا لقيت لها أثر بأي مكان بمنطقة استلام العفش وتدربك حالي حينها ونشف ريقي وخفت على مظهر البودي في المحفل الدولي الكبير.
قبل أن أعرف من منسق الجروب الخاص بجامعة ناصر بأن الشنطة قد اشتحنت دايركت من مطار القاهرة إلى مطار مالطا، مع جميع حقائب الوفود الطلابية المسافرة معي على نفس الرحلة ؛ وتنفست الصعداء حين ذاك .
جلست في مقعدي فوق الطائرة المالطية وأنا أقلب في مخيلتي ألوان البنطلونات والشمزان المتوفرات معي في شنطة التوأمة العابرة للقارات؛ وكل شويه أطَوْقِم بينهن، وأخطط ايش شلبي وأنا ناوي أعمل خلال العشر الأيام التي سأقضيها في ليبيا، مهرجان أناقة مستعارة عمر أمه ما قد حصل في أي محفل دولي، وعندي حماس كبير لخطف أنظار جميع الطلبة بوسامة لم يعرفها البودي من قبل.
ولكن الذي حدث فيما بعد كان صادمًا وغير متوقع، وما هو؟ وكيف؟ وأيش اللي حصل؟

عثر كل أعضاء الوفود الطلابية على حقائبهم بسهولة في منطقة استلام العفش بمطار مالطا عداي أنا فقط محلبط وشنطتي ضائعة ولا لها أثر فوق جهاز الأمتعة المتحرك .ولا هَلَّها في غرفة المفقودات داخل المطار، وأنا تائه وحانِب ومش داري كيف أتصرف، ولا فين أروح أدوِّر عليها، وما معي في يدي حتى ‭«‬ليبل‭»‬ لتسجيل بلاغ بفقدانها، ومافيش أي وقت إضافي يمكن إضاعته داخل المطار في الملاحقة بعدها أو لمعرفة مصيرها الغامض والمجهول.‬‬‬‬‬‬‬
وفقدت الأمل تماما في العثور عليها، وانطلقت مع أعضاء الوفود الطلابية من المطار الى ميناء مالطا البحري وركبت معهم فوق السفينة المبحرة إلى محطة الوصول الأخيرة بالعاصمة الليبية طرابلس، وأنا في ضيق كبير لا يعلم به إلا الله ؛ افكر مع من شاتوئم وانا غريب في بلاد غريبة .

وبعد 16 ساعة في البحر..
وصل جميع أعضاء الوفود الطلابية إلى الفندق ،متحملين شنطاتهم في أيديهم ؛ عداي أنا المدبر ابن المدبر وصلت إلى غرفتي عَطَل بلا شنطة، وما معي غير البدلة الذي فوقي وبس كآخر ضمار لتحسين مظهر البودي امام المشاركين في فعاليات جامعة ناصر الأممية التي ستنطلق في تمام الساعة الثامنة صباح الغد .

حمدت الله وشكرته لحظتها ؛ وخلست الكوت والبنطلون والشميز من فوقي وطرحتهن داخل كيس ؛ وبقيت بالجرم العلاقي وكلسون سباحة ارتديه كسروال داخلي ؛ والتحفت منشفة الغرفة وخرجت امشي في الطواريد متجها إلى مغسلة الفندق وانا مقتنع تماما أنه مافيش قدامي أي فرصة لأي توأمة محتملة ؛ وانو ما معي غير البدلة الوحيدة المتبقية لي من ضمار شنطة الأناقة المستعارة؛ ناولتها من يدي للموظف في المغسلة ، بعد أن اخرجتها من داخل الكيس وقلت له برجاء:‬
- هولا ثلاث قطع أشتيهن غسيل وكاوية مستعجل الآن لو سمحت.‬
لكن الموظف اعتذر عن عدم تلبية رغبتي المستعجلة، لأن الساعة حينها قد كانت تسع الليل، والدوام قد انتهى.
وقال يكلمني بلكنته الليبية السريعة، وهو يأخذ الكيس والملابس من يدي:‬
- تعال لهن بكره الصباح بدري يكونين جاهزات.

بكرت اليوم الثاني من صباح الصبح وأنا مستعد نفسيًا للذهاب إلى فعالية التدشين في جامعة ناصر.
وسرت أمشي مستعجلًا من الغرفة إلى المغسلة وأنا لابس نفس الجَرَم العَلّاقي ونفس الكلسون ، وخاصرتي ملفوفة بنفس المنشفة البيضاء، ووجدت أن هناك موظف آخر في المغسلة.
صبَّحت عليه بكل لطف، وأخبرته من بعد ذلك أني أشتي بدلتي اللي طرحتها أمس باسم «فكري قاسم».
رد على تحية الصباح بنفس اللطف،
وأخذ يتلفت إلى جميع الملابس المعطَّفات في الرفوف والمعلقات بالخطاطيف في زوايا وأركان المغسلة، يبحث عن بدلتي ويدوِّر بإمعان على اسمي المكتوب في القصاصات اللاصقة،ولم يعثر بينهن جميعًا على اسمي، ولا على بدلتي.
وأخبرني ذيك الساع أن الموظف الذي استلم مني الثياب يوم أمس تعرض لمشكلة طارئة اقتضت منه السفر المستعجل إلى خارج البلاد.
ايواااه والحنبة
حسيت الكلسون ينطل من فوقي ذيك الساع وانا واقف جنبه عند باب المغسلة وهو يكلمني ببرود عن ضياع البدلة وشعرت كما لو أن المخابرات الليبية قد عرفت منذ البداية أني جيت بلادهم بشنطة ثياب مش حقي أصلًا!
ورجعت امشي إلى غرفتي وانا مطنن مش داري ما افعل ولا أين اسير ولا كيف شظهر على الوفود الطلابية في المحفل الدولي الكبير وماعد معي من ضمار اناقة البودي غير كلسون السباحة والجرم العلاقي الذي فوقي ؛ مع كرفتة مليحة مدندلة قدام عيوني عرض جدار الغرفة ؛ اعرف كيف اربطها واعرف اخرشها ؛ لكن ماعد معي ما البس عليها ؟!

طبعا فاتني حفل تدشين فعاليات جامعة ناصر يومها ومرت العشر الأيام كلها من بعد ذلك وأنا حبيس داخل الفندق، أخرج من غرفتي كل يوم إلى المطعم المفتوح أثناء الوجبات الثلاث، في مواقيت معلومة ؛ أذهب إليها بانتظام، وأنا لابس نفس الجَرَم العلاقي ونفس كلسون السباحة، كما لو أنني سائح واخذ راحته على الآخر.‬

واجلس كل يوم على كراسي المطعم ، بين زحام الوفود الطلابية، وعيوني تتحرك بينهم زي الرادار، أشوفهم أيش لابسين، وأتحقق بإمعان إلى وجوههم أدوِّر بينهم على أي طالب عربي أو إفريقي، قد تكون لديه ملابس صالحة للتوأمة مع البودي ولا أشعر بالألفة بينهم، وأفقد جرأة مد جسور التواصل معهم، وأغادر المطعم، في كل مرة وأنا أقول لنفسي:‬
- ومن شيتَوْئم معك أصلًا وأنت نصف عريان ومامعك فوق البودي غير الجرم والكلسون؟!
............................
من كتاب الحنبات
#حنبات




الأكثر زيارة


القوات الامريكية تعلن تدمير طائرة بدون طيار ومركبة دعم للحو/.

السبت/07/سبتمبر/2024 - 07:06 ص

أعلنت القيادة المركزية الأمريكية، أن قواتها دمرت خلال الاربع والعشرين ساعة الماضية، طائرة بدون طيار ومركبة دعم واحدة في منطقة خاضعة لسيطرة الحوثيين ال


عاجل : الحزام الأمني ينشر اعترافات لعنصر حو/ثي ضمن خلية تفجي.

السبت/07/سبتمبر/2024 - 09:41 م

وثق تسجيل مرئي، بثته قوات الحزام الأمني بالعاصمة عدن، مساء اليوم، اعترافات لعنصر حوثي متورط برصد حركة الطيران بالمطار، وإرسال إحداثيات للقيادي في مليش


سعر الدولار في عدن وحضرموت اليوم السبت 7 - 9 - 2024.

السبت/07/سبتمبر/2024 - 11:50 ص

حقق سعر صرف الدولار في العاصمة عدن وحضرموت اليوم السبت 7 - 9 - 2024، نحو 1908 ريالات للشراء مقابل 1920 ريالا للبيع. سعر صرف الدولار اليوم في حضرموت: ك


تطور جديد وغير متوقع في سعر الصرف مساء السبت في عدن والمحافظ.

السبت/07/سبتمبر/2024 - 11:06 م

اسعار الصرف وبيع العملات الاجنبية مقابل الريال اليمني مساء اليوم السبت بالعاصمة عدن الموافق 7 سبتمبر 2024 م الريال السعودي: الشراء = 498 البيع = 501 ا