شعـر و نقـد .. الـفنــون الشعـريـة
الجمعة - 28 مارس 2025 - 01:04 ص
صوت العاصمة/خاص:
بقلم : أ. صالح القطوي
الدائـرة الثقافـية لـ(منتدى القَشَم الثقافي والتنموي) ترسل برامج ثقافية (توعوية) بأهمية التنوع القافوي في أوزان الشعر العامي والشعبي في إطارها الجغرافي الذي يشهد زخما شعريا في (عدد الشعراءوفقا لمنتدى شعراء الضالع) وتحـدٍ فـي كسر الجمـود الذي تفتقر إليه بيئة الشعر الشعبي والعامي الملتزم غالبا بالنظام الشطـري الذي يتسق إلـى حـد ما مـع أوزان بحري (الرجز والبسيط) وما يتولد عنها من قواف وأبنية، ولا يتعدى إلـى غيرها إلا في حدود ضئيلة تتعلق بموهبة الشاعـر وحبه لوزن دون آخر. باستثناء تجارب بعض الشعراء.
والغرض منها لفت انتباه الشاعر إلى أهمية موسيقى الشعـر الذي لا يقـف إيقـاعـًا عند حـد ما، بل يجب مجاراة النصوص الشعرية الخالدة ومحاكاتها.
وفي هذا السياق كتبت الدائرة الثقافية في منتدى القَشم عن فنون العامة تحت عنوان:
شعـر و نقـد ..
الـفنــون الشعـريـة
----------------------- كتب: أ. صالح القطوي
أولا: أوزان العامة: أو ما يُعرف بالفنون الشعبية، وهي: الزجل، والمواليا، والكان كان، والقوما، وكلها من الأنماط التي ظهرت في عصور متقدمة من شعرنا العربي.
وقد أضافوا إليها (الموشح، والدوبيت، والسلسلة) بشرط مراعاة قوانين اللغة في هذه الفنون الثلاثة الأخيرة، وقد عُرِفت بفنون الشعر السبعة وفقا لكتب أهل العروض، وكل نوع منها بحاجة إلى تفاصيل وأمثلة، لكي يستوعبها القارئ، وسوف نحاول أن نوجزها هنا بقدر المستطاع، على النحو الآتي:
1- المـــوشــح:
قيل إن أصل الموشحات أغان، قالها أولاد النجار الحجازي وهم متوجهون إلى المدينة المنورة لاستقبال صحاب الشريعة الإسلامية محمد (ﷺ) وبأيديهم الدفوف، وأول ما قالوه: (مجزوء الرمل)
أشرقت أنوار أحمد * واختفت منها البدور
يا محمد، يا ممجد * أنت نـور فـوق نـور
والصحيح أن أهل الأندلس هم المخترعون لهذا الفن، في القرن الثالث للهجرة ومنهم (مقدم بن معافر)، ثم برع فيه (عبادة القزاز) شاعر المعتصم. وابن ضمادخ في القرن الرابع، وهذبه ابن سناء المصري. ويمكن الرجوع إلى فن الموشحات وفنون القافية في الشعر العربي.
2- الـدُّوْبَـيـــت:
قيل إنه من اختراع الفرس، وإن اسمه اشتبه بكلمة (دو) بمعنى (الاثنين)، لأنه يتألف من بيتين. ويسمى أيضا (الرباعي) لاشتماله على أربعة أشطر. وله وزن واحد مشهور به، أجزاؤه هي:
(فعلن، متفاعلن، فعولن، فعلن) × 2 . ومن أمثلته:
يـا غصـنَ نقـا مُكلّلاً بالذَّهَبِ
------------- إنْ كنتُ أسأتُ في هواكم أَدَبِي
أفديكَ من الرّدى بأمّي وأبي
------------- فـالعصمــة لا تكــــون إلا لِنَـبِـي
يقول علماء العروض إن هذا الوزن لا يُلائم مزاج اللغة العربية قدر ما يلائم مزاج الفارسية التي اخترع فيها.
3- السلسلـة:
وزنه (فعْلن فعلاتن مستفعلن فعلاتن) ×2. مثل:
ما المجدُ بمجدٍ سوى الوصول إليكم
---------- أنتم دُرَرُ الفضلِ والمدائح أسْلاكْ
وقد تتغير عروضه وضربه فتصير (فَعِلاتان) وهو وزن مجهول النشأة، وبعضهم يلحقه بالدوبيت، ومنه:
السحـرُ بعينيك مـا تحـرّكَ أو جالْ
------------ إلا ورماني مـن الغـرامِ بأوجالْ
يا قامةَ غصنٍ نشا بروضة إحسانْ
------------ أيّانَ هَفَت نسمة الدلال بهِ مالْ
فعْلن، فعلاتن، مُتَفْعِلُن، فعِلاتانْ ..
4- الــزجـــل:
فـن شعبي راج فـي مصر، ولبنان، لا تراعى فيه قواعد اللغة، ويراعى فيه النغم، وينظم من مختلف البحور، حتى قيل (صاحب ألف وزن ليس بزجالٍ)، ويرى آخرون أنه تولد عن الموشح في الأندلس. ومن أمثلته:
لا تشربْ مَيَّهْ من كاسْ * حتى تعــرف شـو فيها
ولا تشتغل بالوسواسْ * أخلي النية وصفيها
ولا تحكي عا عيوب الناس * شوف عيوبك داويها
وقد قيل أن أول من ابتدع الزجل هو أبو بكر بن قزمان، وهو شعر نظم خصيصا للغناء، وعرف في بلاد الشام (بالمعنّى) وفي العراق (بالعتابة) تارة و (بالزهيري) تارة أخرى.
5- المــوالـيا:
بعضهم ينسب هذا الفن إلى أتباع البرامكة بعد نكبتهم في خلافة هارون الرشيد، لما كانوا يكثرون من قولهم (يا موالي) و (يا مواليّا) في رثائهم لهم. ومن أمثلته قول إحدى إما البرامكة ترثيهم:
يا دارُ أين ملوك الأرض، أين الفـرسْ
---------- أين الـذين حموها بالقـنا والترسْ
قالت تراهم رمم تحت الأراضي الدّرسْ
------ خفوت بعد الفصاحة ألسنتهم خرسْ
يقول د. صفا خلوصي في كتابه فن التقطيع الشعري:
المواليا: نوع من الشعر قد يكون شبه فصيح أو ملحونا، وقد يتألف من أربع أو خمس قواف متشابهة أو تكون القافية الثالثة مختلفة. وعروض المواليا من البحر البسيط. وهو يتألف على الأكثر من سبعة أشطر، تتسق الثلاثة الأولى منها في قافية، والثلاثة التالية في قافية، ويلتزم الشطر السابع بقافية الثلاثة الأولى.
6- الكـان وكـان:
يتركب دور هذا النمط من أربعة أشطار على وزن:
مستفعلن فاعلاتن * مستفعلن مستفعلان
مستفعلن فاعلاتن * مستفعلن، فعلان
ومن أمثلته:
قم يا مقصر تضرع * قبل أن يقولوا كان وكان
للبر تجري الجواري * في البحر كالأعلام
لاحظوا أن قافيته تكون ساكنة مردوفة، وأن شطره الثاني أطول من الرابع.
قيل إنه من اختراع البغداديين، وسموه بذلك، لأنهم لم ينظموا فيه سوى الحكايات والخرافات، فكأن قائله يجكي ما كان.
وقد نظم بعضهم فيه من المواعظ والحكم، كقولهم:
ياقاسي القلب مالك * تسمع وماعندك خبرْ
ومِنْ حــرارَة وعظي * قد لانت الأحجارْ
7- الـقــــومــا:
فن وزنه المشهور هو (مستفعلان، فعْلانْ) ×2
كان "أبـو نقطة" يغني (القـومـا) ليوقظ بـه الناس في سحور رمضان. فلما مات حل ابنه مكانه، بقوله:
يا سيد السادات * لك بالكرم عادات
أنا ابن أبو نقطة * تعش أبويا مـات
وقد سمعه الخليفة العباسي (الناصر لدين الله) يغني تحت شرفة قصره البيتين السابقين فطرب لها الخليفة وأجزله العطاء.
وقد يأتي هذا النمط على وزن (مستفعلن، فاعلان) كقولهم:
لا زال سعدك جديدْ * دائم وجَدّكَ سعيدْ
ولا بــرحــتَ مُهَـــنّا * بِكلّ صوم و عـيدْ
وهذا ما حفلت به كتب العروض في تسجيل هذه الفنون ولاسيما (الزجل، المواليا، الكان وكان، والقوما) وبعضهم جعلها سبعة وأضاف إليها (الموشح، والدوبيت، والسلسلة)، واشترطوا في الأخيرة قواعد اللغة. ويمكن الرجوع إلى كتب أهل العروض كالمختار في علمي العروض والقافية، وفن التقطيع، وميزان الذهب وعلم العروض والقافية وغيرها.
ومن هذه المنطلقات الفنية يمكن للشاعر أن يولد عشرات الأوزان.