وداعًا يا زهرة الخير.. رحلتِ دون وداع”
الخميس - 13 فبراير 2025 - 09:09 م
صوت العاصمة | عبد الحميد السقلدي
في يومٍ أسود من أيام فبراير، رحلت عن عالمنا الحاجة زينة قاسم عبيد السقلدي، تلك الإنسانة الطيبة التي عرفتُها عن قرب، وأحببتها كما يُحب الابن أمه. كانت رمزًا للطيبة والكرم، رغم أنها لم تلتحق بمقاعد الدراسة، إلا أنها كانت متعلمة بالفطرة، محبةً للمعرفة، متطلعةً لكل جديد.
عاشت الحاجة زينة حياة مليئة بالحب والعطاء، لم تبخل يومًا على أحد، وكانت تزرع الخير في قلوب كل من عرفها. رغم معاناتها الطويلة مع مرض السكري، إلا أنها لم تفقد الأمل يومًا، كانت تتعامل معه كرفيق درب، تراقب أرقامه وتتأثر بها، تفرح إذا كان منخفضًا ولو كانت متعبة، وتشعر بالإرهاق إذا ارتفع حتى وإن لم تكن تشعر بشيء، وكأن الأرقام أصبحت جزءًا من حالتها النفسية.
لكن المرض لم يكتفِ بالسكري، فقد كان السرطان يترصدها من بعي، يترقب اللحظة لينقضّ على جسدها المنهك. جاء فجأةً، دون إنذار، عندما شعرت بألم في البطن، وحين أجرت الفحوصات الطبية والتحاليل اللازمة، كانت المفاجأة الصادمة التي هزت كيان العائلة بأكملها. لم يكن أحد يتوقع أن تكون هذه الأوجاع البسيطة بداية معركة شرسة مع المرض الخبيث.
لم يُعطِها هذا العدو الخبيث الفرصة لتودع كل من أحبتهم ومن أحبوها، بل هاجمها بكل وحشية، لم يمهلها الوقت، جعلها تتألم، وجعلنا نتألم معها، نعيش حياة صعبة ونحن نراها تصارع الألم دون أن نملك القدرة على فعل شيء. كان السرطان وحشًا لا يرحم، خطفها منا قبل أن نقول لها ما نريد، قبل أن نأخذ منها ما تبقى من كلماتها الطيبة، وقبل أن تمنحنا نظراتها الأخيرة التي كنا نحتاجها بقدر حاجتنا إليها.
لكن هذه هي سنة الحياة، “أنتم السابقون ونحن اللاحقون”، فهذه الدنيا لن نعمر بها إلى الأبد، وما نحن إلا ضيوف عابرون. أحزنني فراقكِ يا جدة زينة، لكن عزائي أنكِ رحلتِ إلى جوار الله، إلى دارٍ أرحم وأبقى. أسأل الله أن يسكنكِ فسيح جناته، في الفردوس الأعلى مع الصالحين والصديقين والشهداء، وأن يلهمنا الصبر والسلوان على فراقكِ. رحمك الله وأسكنكِ دارًا خيرًا من دارك، وجعل قبرك روضة من رياض الجنة.